لا يعود ازدهار التقنيات المالية إلى الثورة التقنية وحسب؛ بل يعود أيضًا إلى الأزمة المالية العالمية في عام 2008، حيث فقد الكثير من الناس ثقتهم بالخدمات والمعاملات المصرفية التقليدية، لذا تُشكل التقنيات المالية اليوم مصدرًا موثوقًا للشفافية العالية والوضوح والأهم من ذلك الكفاءة. دائمًا ما تكون التقنيات المالية في حالة من التحديث المستمر وذلك لمواكبة وتلبية احتياجات المستخدم المتسارعة.
يتيح الذكاء الاصطناعي على سبيل المثال أتمتة العمليات المعقدة ذات القيمة العالية والخوارزميات التي تساعد في تطوير البرمجيات المالية وتعزز من التفاعلات الآلية (chatbot)، كما أنه من المتوقع بحلول عام ٢٠٣٠، ومع تكثيف الاعتماد على الذكاء الاصطناعي ستقل تكاليف تشغيل البنوك العالمية بنسبة ٢٢٪.
مع ذكر الأزمة المالية العالمية في 2008 ظهرت تقنية جديدة وهي ما تعرف بـ RegTech أو تقنية التكنولوجيا الرقابية والتنظيمية في ذلك العام, تعّد اليوم تطبيقًا بارزًا في القطاع المالي التقني؛ إذ تضمن التزام المؤسسات بالتشريعات والقوانين، وتشرف على الإجراءات التنظيمية وتقديم الحلول والخدمات المالية باستخدام برمجيات ومنصات حوسبة سحابية، كما تقوم بعمليات التتبع، والرقابة وإعداد التقارير للبنوك والمؤسسات المالية، وتنمو بشكل هائل ومتسارع نظرًا لما تقدمه من حلول تساعد المؤسسات المالية على أتمتة امتثالها واستجابتها للتشريعات المحلية والدولية.
إضافة إلى ذلك يتمتع التمويل البديل والذي يشار إليه بـ Alt Finance اليوم بشعبية كبيرة ونظرة واعدة حيث تقدّر قيمته بـ 6.62 مليار دولار، ويُتوقع أن ينمو بنسبة 20% في عام 2023. يقوم التمويل البديل على فكرة الخدمات المالية التي تم تطويرها خارج نطاق الخدمات المصرفية التقليدية، وذلك بتقديم إقراض أو دعم مالي باستخدام التقنيات المالية FinTech بتكاليف أقل و لشرائح مختلفة من الداعمين والمستثمرين والمستفيدين. GoFundMe و Patreon أمثلة على شركات بارزة معروفة ومهمة في قطاع التمويل البديل.
تخدم التقنيات المالية كلًا من المؤسسات والأفراد، بالتطرق إلى الأفراد على وجه الخصوص تظهر خدمة الدفع الآجل BNPL في مقدمة توجهات التقنية المالية بعد الدفع الرقمي، وهي اختصار لجملة (Buy Now Pay Later) تسوق الآن وادفع لاحقًا، إذ تعمل هذه الميزة على تقسيط مدفوعات المشتريات وتأخيرها بدون فوائد، لا توجد إشارات على اختفاء هذا التوجه وإنما العكس، كثير من المصادر والأبحاث تؤكد على أن 2023 سيكون عامًا فارقًا لهذه الميزة بالتحديد.
الجدير بالذكر أن التنبؤ بكافة توجهات التقنيات المالية في عام ٢٠٢٣ أمر لا يمكن حصره، كل التحديثات واردة في ظل المنظومة التقنية المتسارعة، ولكن حسب المعطيات الحالية تشير المؤشرات إلى التركيز على الذكاء الاصطناعي، وتكثيف اعتماده في قطاع التقنية المالية، وذلك لما يحمله من دقّة وفاعلية وزيادة هائلة في الإنتاجية.